جولولي

اشترك في خدمة الاشعارات لمتابعة آخر الاخبار المحلية و العالمية فور وقوعها.

أحمد رمزى.. فتى السينما المدلل يتعلم أول دروس التمثيل من زينات صدقي

الاحد 01 نوفمبر 2020 | 04:42 مساءً
اشرف بيدس
6430
احمد رمزي

عاش حياته كما يريد، أو كما يقولون "بالطول والعرض والارتفاع أيضا"، لم يجعل أحداً يقرر له شيئا، حاول والده (خريج جامعات انجلترا) أن يدرس الطب مثل أخيه "حسن" حتى يسيرالاثنان على دربه، فالتحق بالجامعة وبعد ثلاث سنوات لم يطق الاستمرار، فهجرها، والتحق بكلية التجارة، لم يفكر فى التمثيل، لكن الفرصة واتته عن طريق المخرج حلمى حليم الذى التقطه من صالة بلياردو وكان فيلمه الأول «أيامنا الحلوة» 1955 ليلحق بزميل الدراسة عمر الشريف الذى سبقه فى هذا المجال ويشاركه أيضا فى العمل مع عبد الحليم حافظ وفاتن حمامة، وفى العام ذاته يرشحه لفيلم آخر، تربع على عرش أدوار الشباب وذاع صيته، لكنه لم يعشق التمثيل (الذى يرى انه كلام فارغ)، ورغم ذلك نجح فيه، وأحب التجارة جدا وتمنى أن يعمل بها لآخر العمر، لكن تجاربه أكدت فشله الذريع وملاحقة الدائنين، هاجم الثورة بضراوة رغم انه ليس أحد أبناء الإقطاعيين، وكان صديقا لمدير مكتب المشير، وأحب الملكية وتغزل فى محاسنها، لكنه لم يضمر حبا للملك الذى يراه ضعيفا.

رغم أن نجوميته ظهرت مع بدايات الثورة، يخرج كل ما يثقل صدره من آراء ولا يعبأ كثيرا إذا كان البعض سيغضب أو سيسعد. البدايات .. (رمزى محمود بيومى أبو السعود 23 مارس1930) مثلت تربيته عاملاً مهما فى تشكيل شخصيته، وكان للام الاسكتلندية الأثر الايجابى فى ذلك، لا يعرف الحلول الوسطية أما الأبيض ناصع البياض، وأما الأسود القاتم، لم يجيد الرقص على الحبال، ولم يعرف كلمات المجاملة، لذا تأتى آراؤه صادمة للكثيرين، هو ابن لحظته، لم يعبأ كثيرا بالغد، ولم يندم على شئ فعله بالأمس، يعيش أيامه كما تمضى ولا يسأل نفسه كثيرا أسئلة محيرة ليس لها إجابات، أول من فتح صدره فى السينما، وتعامل مع الكاميرا بشقاوة وبعفوية، ربما يكون الوحيد من بين نجوم السينما الذى ظلت الجماهير تبحث له عن أعذار لتبرر بعضاً من تصرفاته الطائشة التى كانت تحدث كثيراً من الكوارث، والمدهش أنها كانت تلقى هوى وقبول الجماهير ليس من الشباب ولكن من مختلف الأعمار، هل لأنه كان يشبه أولادنا وأخواتنا أو أحد أبناء جيراننا، ومن الجائز أن يكون هذا التعلق غير المبرر جاء نتيجة أنه استطاع أن يفعل ما كنا نجبن من اقترابه، فجاءت تلك الأفعال تدريباً لنا كى نتخلى عن هذا الخوف الذى تملك منا.

تلقى أول دروس التمثيل من زينات صدقى عندما لاحظت تردده وارتباكه فى أول مشهد له بالسينما وتصادف أن كان أمامها، فجاءت نصائحها لتزيل الجبال الجاثمة على صدره، وألقت عليه أول الكلمات "الطبيعية، فقط الطبيعية هى جواز مرورك حتى يصدق الجمهور ما تفعله"، حفظ الدرس ونجح فى أول امتحاناته، ليقدم بعد ذلك «ايام وليالي»، وفى العام ذاته يختاره كمال الشيخ أمام فاتن حمامة فى «حب ودموع»1955، ولكن يبدو انه لم يستثمر الفرص التى واتته، ولم يهتم بنفسه فنيا وتعامل مع النجومية بعدم اهتمام، هل لان اشتغاله بالفن أتى سهلا لم يتكبد فيه معاناة؟ يلحظ من خلال أعماله الأولى أنها جاءت قوية لوجه جديد يتحسس خطاه فى عالم الفن، ثم شارك أمام عمر الشريف وفاتن حمامة فى فيلمهما الأشهر «صراع فى المينا» 1956 للمخرج يوسف شاهين الذى يشترك معه مرة أخرى فى دور باهت أمام فريد الأطرش وشادية فى فيلم «ودعت حبى» 1956، وكان آخر لقاء بينهما عام 1959 من خلال فيلم «حب إلى الأبد» أمام محمود المليجى ونادية لطفى، وفى هذا الفيلم نرى أحمد رمزى بشكل مختلف وفى دور به جرعات تمثيلية كبيرة نجح فى تجسيدها، وبعد ذلك تنقطع العلاقة الفنية، ولم تجر المياه الصافية مرة أخرى بينهما، والغريب أن يتحدث "شاهين" عن كل أبطال أفلامه باستثناء أحمد رمزى الذى كان يهاجمه بضراوة عندما يذكر أحد اسمه.

احمد رمزي

فى عام 1956 يتقاسم أمام فاتن حمامة فيلم «القلب له أحكام»، وبدلا من صعود مؤشر النجومية خصوصا بعد أربعة لقاءات مع فاتن حمامة منهما ثلاث بطولات، نرى الأمور تسير فى عكس الاتجاه، ويأتى عام 1957 ويقبل "رمزى" كل الأدوار التى تعرض عليه لتصل إلى 11 فيلما، وهو رقم لم يتكرر بعد ذلك، لم يبق منهما سوى فيلمه الشهير «ابن حميدو» أمام إسماعيل يس وهند رستم وزينات صدقى، ويتساءل الكثيرون كيف يتأتى لهذا النجم الذى انطلق بسرعة الصاروخ أن يشارك فى أدوار ثانية وثالثة بعد تلك البطولات التى حظى بها؟ نراه فى فيلم «الوسادة الخالية» أمام عبد الحليم حافظ فى دور متواضع لا يتفق مع كل ما قدمه، ويتأرجح نجمه فى الصعود تارة والهبوط تارات أخرى، ولا مانع من ظهوره كضيف شرف فى بعض الأعمال التى استفادت من نجوميته ولم تضف له شيئا سوى الهبوط السريع لاسمه الفنى، وفى عام 1961 يلتقى مع فاتن حمامة فى فيلمين (لا تطفئ الشمس، ولن اعترف) فى دورين مختلفين عما كان سائدا، ويبدو أن أعمالهما معا شكلت قيمة فى مسيرته الفنية. ويأتى عام 1971 ليقدم أهم أعماله السينمائية على الإطلاق عندما يرشحه حسين كمال لفيلم «ثرثرة فوق النيل» لنجيب محفوظ.

احمد رمزي

احمد رمزي

وتبدأ فكرة الاعتزال تراوده بعد فيلم «الأبطال» 1974 أمام فريد شوقى ومنى جبر، ويختار العزلة بعيدا عن القاهرة التى أحبها، لكنه لم يستطع احتمال ضجيجها وزحامها، ويذهب إلى الساحل الشمالى فى بيت اشترته ابنته له، مكتفيا بالنظر إلى البحر والاستمتاع بالهدوء، وبعد 7 أعوام يعود مرة أخرى للوقوف أمام الكاميرا بعد إصرار فاتن حمامة (وش الخير) ليشاركها بطولة فيلم «حكاية وراء كل باب» ثم يتوقف 14 عاما أخرى، يعود بعدها أمام نيللى ويوسف منصور فى فيلم «قط الصحراء» 1989، والذى استثمر صناعه اسمه على أفيش الفيلم الذى لم يقدم أو يؤخر فى مسيرته، وفى عام 2000 يلتقى فاتن حمامة مرة أخرى من خلال المسلسل التليفزيونى «وجه القمر» والذى لقى إعجاب الجماهير التى اشتاقت له، ثم تقنعه إيناس الدغيدى مرة أخرى فى فيلم «الوردة الحمراء» أمام يسرا ومصطفى فهمى، ولكن بعد أن فقد كثير من لياقته الفنية، وبعدها يقدم مع صديق عمره عمر الشريف مسلسل «حنان وحنين» ويبدو أن الاثنين لم يهتما بالعمل قدر اهتمامهم بالأجر فجاء المسلسل مملا وطويلا انصرف الناس عن مشاهدته. ظهر أحمد رمزى فى وقت كان يزدحم بجيل من الشباب مثلوا فرسان أحلام السينما، رشدى أباظة وعمر الشريف وعبد الحليم حافظ وشكرى سرحان وحسن يوسف، وكانت هذه الأسماء قادرة على دهس أى وجه جديد يظهر على الساحة، لكن "رمزى" كان بمثابة "كومى" الكوتشينة (يأكل ويبصر) ويفعل ما يحلو له، يفتح زرار القميص، فيقومون الشباب بفتح قمصانهم، يغير تسريحة شعره فيقومون بتقليدها، يركب سيارة فيقوم القادرون باقتنائها، كان موضة الشباب فى وقت ملئ بالفطاحل. تزوج ثلاث مرات، الأولى من عطية الله الدرملى وأنجب منها ابنته الكبرى "باكينام" وتم الطلاق لكثرة الخلافات، ثم تزوج من الفنانة نجوى فؤاد ولم يستمر الزواج أكثر من 20 يوما، أما زواجه الثالث والأخير كان من اليونانية "نيكولا" وأنجب منها نائلة ونواف.

احمد رمزي

ظلت الجماهير تعشق أحمد رمزى بعد كل هذه السنوات، بصرف النظر ما بقى من أفلام مثلت قيمة أو لم تترك أى أثر، فقد ظل نجمها المدلل الشقى حتى وبعد أن تجاوز الثمانين من العمر.